خاص – في عالم تتوارى فيه النساء خلف الستائر الثقيلة لأجهزة الاستخبارات، بزغ اسم عليزة ماجن كاستثناء نادر، لا يُشبه أحدًا.
امرأة تركت بصمتها داخل أكثر الأجهزة الأمنية سرية وغموضًا في العالم ” الموساد الإسرائيلي”.
ولدت عليزة ماجن في القدس عام 1937، وكانت بدايتها عادية كأي فتاة إسرائيلية في تلك الحقبة، قبل أن تبدأ رحلتها في أروقة الاستخبارات عام 1958.
لكن رحلتها لم تكن عادية أبدًا.
على مدار أكثر من 40 عامًا، صعدت بهدوء وثبات حتى وصلت إلى منصب نائبة رئيس الموساد، وهو أعلى منصب وصلت إليه امرأة داخل الجهاز في تاريخه.
الجاسوسة التي لا يعرفها أحد
عُرفت داخل الموساد بأنها “المرأة الحديدية”، لكنها لم تكن فقط صارمة، بل ذكية حد الدهاء، ودقيقة كخيط مشرط جراح.
قادت عمليات معقدة خارج إسرائيل، من ضمنها محاولة تجنيد علماء ألمان يعملون لصالح مصر في الستينيات، واستقطاب طيارين عرب، وشاركت في ما يُعرف بعمليات “الانتقام” بعد أولمبياد ميونيخ، ضمن ما يُسمى بعملية “غضب الله”.
لم تكن مجرد منفذة، بل كانت تخطط، وتقرر، وتضغط، وتحذّر، وتقرأ تفاصيل العدو كما لو كانت تعيش داخل عقله.
الظل الذي اقترب من الضوء
حين عُيّنت في منصب نائبة رئيس الموساد عام 1990، لم تكن تلك مجرد ترقية وظيفية، بل كانت اعترافًا نادرًا بدور المرأة في دهاليز القرار الأمني الإسرائيلي.
بقيت في هذا المنصب حتى عام 1999، وتقول الروايات الأمنية إن لها بصمة مباشرة في عشرات العمليات التي لم تُعلن رسميًا.
رغم دورها الكبير، لم تسعَ للظهور.
لم تكتب مذكرات، ولم تظهر في وثائقيات، وكأنها قررت أن تبقى كما عاشت… في الظل.
رحيل دون ضجيج
في أبريل 2025، توفيت عليزة ماجن عن عمر يناهز 88 عامًا.
أعلن الموساد خبر وفاتها برسالة مقتضبة، لكن صمتهم لم يكن عاديًا… بل مليئًا بالمعاني.
هذه ليست مجرد موظفة رحلت، بل واحدة من أركان المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، امرأة ساهمت في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من خلف ستار.
عليزة ماجن لم تكن فقط “امرأة في الموساد”، بل كانت رأسًا مفكرًا، ويدًا حاسمة.
رحلت… لكن ظلها لا يزال حاضرًا في دهاليز الاستخبارات.