حذّرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية ومحللون من تصاعد مؤشرات خطيرة تهدد استقرار منطقة القرن الإفريقي، في ظل تقارير دولية كشفت عن تقارب متزايد بين ميليشيا الحوثيين في اليمن وحركة الشباب الصومالية.
وتنقل الصحيفة عن بيانات أممية تأكيدها عقد اجتماعات سرية بين الطرفين في يوليو وسبتمبر 2024، ما يفتح الباب أمام تشكيل تحالفات عابرة للحدود في واحدة من أكثر المناطق هشاشة في العالم.
انهيار داعش في بونتلاند
لا يُخفي تصاعد الخطر ركز تقرير لوفيغارو على تجربة تنظيم “داعش” في إقليم بونتلاند شمال شرق الصومال، حيث شهد التنظيم تمددًا لافتًا في السنوات الماضية، قبل أن يتعرض لانهيار مفاجئ بفعل ضربات عسكرية نفذتها القوات المحلية بدعم جوي أمريكي.
وحمل التقرير عنوان: “في جبال بونتلاند… الصعود السريع والانهيار الحاد لمقر داعش الرئيس”، وسلط الضوء على تفكيك بنية التنظيم الأساسية خلال أشهر قليلة، بدعم من استخبارات ميدانية وغارات دقيقة.
تقارب الحوثيين والشباب.. تطور يُعقّد المعادلة
رغم النجاحات العسكرية ضد داعش، فإن المحللين يحذرون من أن التقارب بين الحوثيين والشباب قد يُعيد رسم خارطة التهديدات في القرن الإفريقي.
الباحث الفرنسي فرانك دوبريه، من مركز CERAS للدراسات الجيوسياسية، قال إن “هذا التحالف الناشئ يعكس تحول الصومال إلى ساحة لتصفية الحسابات الطائفية والإقليمية، وأن انتقال الخبرات والأسلحة من اليمن إلى الصومال سيزيد من قدرة الجماعات المتطرفة على زعزعة الاستقرار”.
وأضاف: “رغم أهمية الإنجازات العسكرية الأمريكية، إلا أن الأسباب الجذرية التي تدفع الشباب إلى التطرف لم تُعالج، وعلى رأسها الفقر، والبطالة، وتدهور الخدمات الأساسية”.
القلق يتزايد.. تقارير تشير إلى “خلافة جنينية”
نقلت لوفيغارو شهادات نادرة من سكان محليين في بونتلاند تحدثوا عن مراحل بناء ما يشبه “خلافة صغيرة” لداعش هناك، كانت بمثابة مركز مالي وعسكري للتنظيم في المنطقة قبل انهياره.
لكن في المقابل، لا تزال حركة الشباب تنشط في مناطق متعددة، وتشن عمليات نوعية ضد أهداف مدنية وعسكرية.
الأسبوع الماضي، نفّذت هجومًا بقذائف الهاون على العاصمة مقديشو، في مشهد يعكس أن التهديد ما زال قائمًا رغم الغارات المكثفة.
ضربات أمريكية متواصلة.. واتهامات من السكان
الولايات المتحدة تواصل حملتها العسكرية ضد الجماعات المسلحة في الصومال، ونشرت مؤخرًا تسجيلًا لغارة جوية قتلت عشرة من عناصر الشباب.
ومنذ عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، تجاوز عدد قتلى الضربات الجوية الأمريكية 100 عنصر، بينهم قيادات بارزة.
لكنّ منظمات مدنية محلية تُبدي قلقًا متزايدًا.
تقرير صادر عن مركز حماية المدنيين في النزاعات أشار إلى أن السكان يرون في هذه الغارات “نوعًا من العقاب الجماعي”، وأكد أن العمليات الأمريكية قد تزيد معاناة المدنيين بدلًا من توفير الأمن.
مشهد إقليمي معقّد وتحذيرات من انفجار أكبر
يرى خبراء أمنيون أن تحوّل الجماعات المتطرفة إلى تحالفات إقليمية متصلة، خصوصًا مع الحوثيين الذين يخضعون أيضًا لضربات أمريكية في البحر الأحمر، قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار، ليس فقط في القرن الإفريقي، بل في ممرات بحرية استراتيجية.
ويحذر هؤلاء من أن التحالف الصاعد بين الحوثيين وحركة الشباب قد يغيّر موازين القوى، ويمنح هذه التنظيمات أدوات جديدة لابتزاز الحكومات المحلية والإقليمية، وسط غياب حل جذري للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية في تلك المناطق.